کد مطلب:109831 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:146

خطبه 113-در اندرز به مردم











ومن خطبة له علیه السلام

وفیها مواعظ للناس

الْحَمْدُ للهِ الْوَاصِلِ الْحَمْدَ بِالنِّعَمِ وَالنِّعَمَ بِالشُّكْرِ، نَحْمَدُهُ عَلَی آلاَئِهِ كَمَا نَحْمَدُهُ عَلَی بَلاَئِهِ، وَنَسْتَعِینُهُ عَلَی هذِهِ النُّفُوسِ الْبِطَاءِ عَمَّا أُمِرَتْ بِهِ، السِّرَاعِ إِلَی مَا نُهِیَتْ عَنْهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ مِمَّا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ، وَأَحْصَاهُ كِتَابُهُ: عِلْمٌ غَیْرُ قَاصِرٍ، وَكِتَابٌ غَیْرُ مُغَادِرٍ، وَنُؤْمِنُ بِهِ إِیمَانَ مَنْ عَایَنَ الْغُیُوبَ، وَوَقَفَ عَلَی الْمَوْعُودِ، إِیمَاناً نَفَی إِخْلاَصُهُ الشِّرْكَ، وَیَقِینُهُ الشَّكَ. وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِیكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، شَهَادَتَیْنِ تُصْعِدَانِ الْقَوْلَ، وَتَرْفَعَانِ الْعَمَلَ، لاَیَخِفُّ مِیزَانٌ تُوضَعَانِ فِیهِ، وَلاَ یَثْقُلُ مِیزَانٌ تُرْفَعَانِ عَنْهُ. أُوصِیكُمْ، عِبَادَ اللهِ، بَتَقْوَی اللهِ الَّتی هِیَ الزَّادُ وَبِهَا الْمَعَاذُ: زَادٌ مُبْلِغٌ وَمَعَاذٌ مُنْجِحٌ، دَعَا إِلَیْهَا أَسْمَعُ دَاعٍ، وَوَعَاهَا خَیْرُ وَاعٍ، فَأَسْمَعَ دَاعِیهَا، وَفَازَ وَاعِیهَا. عِبَادَ اللهِ، إِنَّ تَقْوَی اللهِ حَمَتْ أوْلِیَاءَ اللهِ مَحَارِمَهُ، وَأَلْزَمَتْ قُلُوبَهُمْ مَخَافَتَهُ، حَتَّی أَسهَرَتْ لَیَالِیَهُمْ، وَأَظْمَأَتْ هَوَاجِرَهُمْ; فَأَخَذُوا الرَّاحَةَ بِالنَّصَبِ، وَالرِّیَّ بِالظَّمَإِ، وَاسْتَقْرَبُوا الْأَجَلَ فَبَادَرُوا الْعَمَلَ، وَكَذَّبُوا الْأَمَلَ فَلاَحَظُوا الْأَجَلَ. ثُمَّ إِنَّ الدُّنْیَا دَارُ فَنَاءٍ، وَعَنَاءٍ، وَغِیَرٍ، وَعِبَرٍ: فَمِنَ الْفَنَاءِ أَنَّ الدَّهْرَ مُوتِرٌ قَوْسَهُ، لاَ تُخْطِیءُ سِهَامُهُ، وَلاَ تُؤْسَی جِرَاحُهُ، یَرْمِی الْحَیَّ بِالْمَوْتِ، وَالصَّحِیحَ بِالسَّقَمِ، وَالنَّاجِیَ بِالْعَطَبِ، آكِلٌ لاَ یَشْبَعُ، وَشَارِبٌ لاَ یَنْقَعُ. وَمِنَ الْعَنَاءِ أَنَّ الْمَرْءَ یَجْمَعُ مَا لاَ یَأْكُلُ، وَیَبْنی مَا لاَ یَسْكُنُ، ثُمَّ یَخْرُج إِلَی اللهِ، لاَ مَالاً حَمَلَ، وَلاَ بِنَاءً نَقَلَ! وَمِنْ غِیَرِهَا أَنَّكَ تَرَی الْمَرْحُومَ مَغْبُوطاً، والْمَغْبُوطَ مَرْحُوماً، لَیْسَ ذلِكَ إِلاَّ نَعِیماً زَلَّ، وَبُؤْساً نَزَلَ. وَمِنْ عِبَرِهَا أَنَّ المَرْءَ یُشْرِفُ عَلَی أَمَلِهِ فَیَقْتَطِعُهُ حُضُورُ أَجَلِهِ، فَلاَ أَمَلٌ یُدْرَكُ، وَلاَ مُؤَمَّلٌ یُتْرَكُ. فَسُبْحَانَ اللهِ، مَا أَعَزَّ سُرُورَهَا! وَأَظْمَأَ رِیَّهَا! وَأَضْحَی فَیْئَهَا ! لاَ جَاءٍ یُرَدُّ، وَلاَ مَاضٍ یَرْتَدُّ. فَسُبْحَانَ اللهِ، مَا أَقْرَبَ الْحَیَّ مِنَ المَیِّتِ لِلَحَاقِهِ بِهِ، وَأَبْعَدَ الْمَیِّتَ مِنَ الْحَیِّ لاِنْقِطَاعِهِ عَنْهُ! إِنَّهُ لَیْسَ شَیْءٌ بِشَرٍّ مِنَ الشَّرِّ إِلاَّ عِقَابُهُ، وَلَیْسَ شَیْءٌ بِخَیْرٍ مِنَ الْخَیْرِ إِلاَّ ثَوَابُهُ، وَكُلُّ شَیْءٍ مِنَ الدُّنْیَا سَمَاعُهُ أَعْظَمُ مِنْ عِیَانِهِ، وَكُلُّ شَیْءٍ مِنَ الْآخِرَةِ عِیَانُهُ أَعْظَمُ مِنْ سَمَاعِهِ، فَلْیَكْفِكُمْ مِنَ الْعِیَانِ السَّمَاعُ، وَمِنَ الْغَیْبِ الْخَبَرُ. وَاعْلَمُوا أَنَّ مَا نَقَصَ مِنَ الدُّنْیَا وَزَادَ فی الْآخِرَةِ خَیْرٌ مِمَّا نَقَصَ مِنَ الْآخِرَةِ وَزَادَ فِی الدُّنْیَا: فَكَمْ مِنْ مَنْقُوصٍ رَابحٍ وَمَزِیدٍ خَاسِرٍ! إنَّ الَّذی أُمِرْتُمْ بِهِ أَوْسَعُ مِنَ الَّذِی نُهِیتُمْ عَنْهُ، وَمَا أُحِلَّ لَكُمْ أَكْثَرُ مِمَّا حُرِّمَ عَلَیْكُمْ، فَذَرُوا مَا قَلَّ لِمَا كَثُرَ، وَمَا ضَاقَ لِمَا اتَّسَعَ. قَدْ تُكُفِّلَ لِكُمْ بِالرِّزْقِ، وَأُمِرْتُمْ بَالْعَمَلِ، فَلاَ یَكُونَنَّ الْمَضْمُونُ لَكُمْ طَلَبُهُ أَوْلَی بِكُمْ مِنَ الْمَفْرُوضِ عَلَیْكُمْ عَمَلُهُ، مَعَ أَنَّهُ واللهِ لَقَدِ اعْتَرَضَ الشَّكُّ، وَدَخِلَ الْیَقِینُ، حَتَّی كَأَنَّ الَّذِی ضُمِنَ لَكُمْ قَدْ فُرِضَ عَلَیْكُمْ، وَكَأَنَّ الَّذِی قَدْ فُرِضَ عَلَیْكُمْ قَدْ وُضِعِ عَنْكُمْ. فَبَادِرُوا الْعَمَلَ، وَخَافُوا بَغْتَةَ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ لاَ یُرْجَی مِنْ رَجْعَةِ الْعُمُرِ مَا یُرْجَی مِنْ رَجْعَةِ الرِّزْقِ، مَا فَاتَ الْیَوْمَ مِنَ الرِّزْقِ رُجِیَ غَداً زِیَادَتُهُ، وَمَا فَاتَ أَمْسِ مِنَ الْعُمُرِ لَمْ یُرْجَ الْیَوُمَ رَجْعَتُهُ. الرَّجَاءُ مَعَ الْجَائِی، وَالْیَأْسُ مَعَ الْمَاضِی، فـَ (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).